عدد المساهمات : 25 تاريخ التسجيل : 10/02/2011 العمر : 36
موضوع: المدرسة السكولائية الأربعاء أغسطس 03, 2011 3:50 pm
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] المحتويات: يحتوي هذا البحث على مقدمة تتضمن نظرة عامة على المدرسة السكولائية ثم تدقيق في فكر توما الأكويني و سيرته. مقدمة: تبدأ فترة الفلسفة المدرسية (السكولائية) بالقرن التاسع وتتواصل إلى القرن الخامس عشر تقريباً، أي حتى عصر النهضة. وإنما تعرف هذه الفلسفة بالمدرسية لأنها كانت تُعلَّم في المدارس، وعلى هذا فان تسمية مَدْرَسي تطلق على كل من يُدَرِّس في المدارس آنئذ، أو مَن حصّل جميع المعارف التي كانت تدرس في تلك المدارس. وهي مدارس كنسية تقام إما داخل الأديرة وهي مدارس رهبان، أو خارج الأديرة وهي مدارس أسقفية لإعداد رجال الدين غير المترهبين. تخطت الفلسفة المدرسية عدة مراحل، وقعت المرحلة الأولى منها ما بين القرن التاسع حتى القرن الثاني عشر، حيثُ ازدادت فيهذه الحقبة المدارس وانتظم التعليم، فشهد القرن التاسع نشاطاً واسعاً برز فيه (جون سكوت اريجين)، إلا أن هذا النشاط انكمش في القرن العاشر بفعل بعض الاضطرابات، ثم استؤنف النشاط في القرن التالي. وكانت البضاعة العلمية الأساسية للاّهوتيين المدرسيين هي الآثار التي تركها القديس أوغسطين وبعض الآراء الأفلاطونية. وكان القديس الايطالي انسلم (1033 _ 1109م) من أكبر الأسماء التي عرفتها هذه المرحلة، فقد اشتهر بدليله الانطولوجي على وجود الله، وجمع في مؤلفاته بين الإيمان بالأناجيل والتصديق بفلسفة أوغسطين، ويقوم منهجه على تعقّل الإيمان أو كما يقول هو: (اني أؤمن كي أعقل) تمخضت المرحلة الثانية عن ظهور أعظم فيلسوف لاهوتي في تاريخ الكنيسة، وهو القديس توما الإكويني (1224 ـ 1274م) مؤسس الأرسطوطالية المسيحية، التي نقض بها المذهب الأوغسطيني، الذي ظل مهيمناً على الفلسفة الأوروبية عدة قرون.ترك الإكويني ثمانية وتسعين كتاباً، يصل بعضها إلى ثلاثة آلاف صحيفة.
توما الاكويني
حياته:
ولد توما الاكويني سنة 1225 ميلادية، هو ابن الكونت الاكويني الذي كان يملك قلعة في مملكة نابولي التي كانت قريبة من مونت كازينو ادخله ابوه كخادم للكنيسة سنة 1230 في دير مونت(Monte Casino (. درس لمدة ست سنوات في الدير لما طرد فريدرك الثاني الرهبان في نابولي عاد الى اهله . في نفس السنة دخل جامعة نابولي التي اسسها فردريك الثاني في كلية الفنون، لما توفي والده اصبح حرا، فقرر الانضمام الى الاخوية الواعظين التي اسسها القديس دومنيك، وارتدى ثوب الطاعة في العشرين من عمره، كان في طريقه مع رئيسه الى فرنسا حينما خطفه اخوته واقاربه لعدم رضاهم لدخوله الدير، سنة 1245 استعاد حريته وقرر الذاهب الى فرنسا والدخول الدير مرة اخرى . بدأ بدراسته الفلسفية على يد الفيلسوف البيرتس مانكوس الذي كان متقدما في معرفته عن فلسفة الارسطالية ، بعد انتهائه الدراسة الجامعية سافر إلى باريس مع استاذه البيرتس لمدة ثلاث سنوات بسبب جدال الفكري الذي حصل بين مسؤولي الرهبنة الدومنيكانية حول مسائل لاهوتية ، ثم عاد إيطاليا ليعيش طوال عمره هناك. توفي في 1274 م حينما كان في طريقه الى المجمع المسكوني في ليون بعد ان دعاه البابا جريجوار العاشر اليه.
لقد نجح الاكويني أخيرا (بعد وفاته) من خلال لاهوتيه وفلسفته في إقناع الكنيسة الكاثوليكية في تبنيها لفكر الارسطالي بعدما كانت الكنيسة تبنت لاهوت القديس اوغسطينوس القريب من الفكر الافلاطوني قبل تسعمائة عاما. استطاع توما الاكويني أن يفصل بين الفلسفة و اللاهوت وجعل الثانية تخدم الأولى، فتألب عليه الأصدقاء الأعداء حتى بعض من اخوته من نفس الرهبنة حرمت تعاليمه من قبل أساقفة باريس و كنتربري إلا أن البابا يوحنا 22 أعلن في 1318 بأن تعليم الاكويني كان معجزة و انه بوحده انار الكنيسة اكثر من كل الاساتذة قبله، فاعلنه قيديسا 1323، ثم اعلنه البابا بيوس الخامس الدومنيكي ملفانا للكنيسة في 1567 و سمي بملفان الملائكي. يُعتبرتومل الاكويني من اعظم فلاسفة سكولاستيك ( وهو اشد المذاهب المحافظين على تقاليد و مبادئ الكاثوليك). يعتبر لاهوته أساس لمذهب الكنيسة الكاثوليكية منذ مجمع الفاتيكاني الثاني سنة 1879 لحد ألان. يُعتبر من كبار فلاسفة التاريخ، يأتي عند البعض ثالثا من بعد أفلاطون و سقراط و اعظم من هيجل.
الجدال الفكري في القرن الثالث عشر:
في القرن الثالث العشر الميلادي كان الصراع بين فكر الافلاطوني و الارسطالي لازال محتدم حتى بين لاهوتي الكنيسة كما ذكرنا انفة خاصة عند آباء الدومنيكان. ابن رشد كان أحد اعظم فلاسفة العرب في بلاد الأندلس . كان قد قام وضع شروحات لكتب الفلسفية لارسطو المترجمة من اليونانية إلى اللاتينية و كانت تعتبر هذه الكتب من المصادر الرئيسية في الجامعات الأوروبية لدراسات الفلسفية و اللاهوتية في حينها. من تلك التفاسير المهمة لابن رشد في شروحاته عن فلسفة ارسطو عن وحدة العقل (1) هي :" إن الروح في الفرد هو شئ خاص به ولكن ليس ابدي، بل فاني و زائل، وان الخلود يعود فقط النفس الانسانية الكلية (الروح الشاملة لجميع البشر) الذي تشارك فيه كل الكائنات العاقلة التي يمكن الاستدلال عليها عن طريق نشاط الكائنات العاقلة المختلفة "(2.) هذه الفكرة جلبت انتباه بعض لاهوتي الكنيسة منهم الاكويني بسبب تعارضها لعقيدة الإيمانية لمذهب الكاثوليكي حيث ان لكل فرد له روح او نفس خالدة غير فانية وانها سوف تنتقل الى عالم الاخر وتنال جزائها حسب اعمالها على الارض.
الفلسفة واللاهوت يصلان ال نفس النتيجة:
ان لاهوتي الكنيسة كانوا يعتمدون على مبدأين أساسين في تفاسيرهم في ربط المعرفة بالحقيقة: أولا- المعرفة بالوحي يمكن ادراكها من خلال دراسات اللاهوتية في الكتاب المقدس. ثانيا- المعرفة بالفكر التي يمكن استنتاجها عن طريق الفكر الفلسفي. كل راي ابن رشد وغيره من الفلاسفة جلب مواقف رديئة لفلسفة الارسطالية، لكن توما الاكويني لم يشأ إن يؤذي الفكر الفلسفي لارسطالية بدحض تفسيرات ابن الرشد و كان ذلك يعد انتصار كبير له على زملائه.
لم يكن الاكويني كغيره من الفلاسفة الذين يملكون معرفة جدلية فقط عن ارسطو، بل كان متاثرا بفلسفته اكثر من غيره، من حسن حظه كان له صديق (William of Moerbeke ) مٌلم باللغة اليونانية بصورة جيدة، وفر له ترجمة دقيقة لكتب ارسطو.
مؤلفات الاكويني:
تنقسم كتب توما الاكويني التي كانت كثير مقارنة لعمره القصير 49 سنة الى خمسة اقسام (حسب رولان جوسلان )هي :- ( المجموعات اللاهوتية، شروحات على كتابات الفلسفية، الكتب اللاهوتية، المسائل المتنازعة،السؤال والجواب). كانت كتبه متنوعة بين الفلسفة و اللاهوت فقد كتب ( الوجود و الماهية ) سنة 1253 ضد ابن جبرول، في 1256 شرح تقريبا جميع كتب ارسطو المعروفة، كذلك شرح الأسماء الإلهية، له شروحات في كتاب المقدس سميت بشروحات السلسلة الذهبية، لكن أهم كتابين له هما:- • Summ-Contra Gentiles :-هو أهم كتاب له، وضعه ما بين 65-1254 م، فيه حاول بناء هيكل لمعرفة الحقيقة حسب الايمان المسيحي، و ذلك عن طريق إقامة جدال خيالي مع شخص غير مؤمن بالمسيحية، في هذا الكتاب يحاول شرح مفهوم الحكمة فالحكيم هو الشخص الذي يعرف نهاية الأشياء أي محصلة العمليات، او الحوادث شبهها بالبَناء الذي يملك تصورا عن شكل البناية في النهاية. إن لنهاية كل عملية خاصة علاقة جزئية مع نهاية الخاصة بالكون ،إذن الرجل الحكيم هو الشخص الذي يهمه المعرفة النهائية بالكون، التي هي أسمى خير يمكن إن يمتلكه العقل.
• Summa Theogiae:-الخلاصة اللاهوتية (مكتوب على شكل جدال فلسفي ايضا) هو آخر كتبه الذي بدأه و لم يكمله بسب مرضه 126م ، يتحوي على 38 بحثا، يبحث القسم الأول عن الله كمبدأ للكائنات و في التثليث و صدور الخليقة عن الله في الجزء الثاني يتكلم عن الله غاية الكائنات، في الجزء الثالث يتطرق إلى المسيح الوسيط بين الله و الكائنات و الأسرار و عواقب الإنسان.
لاهوت توما الاكويني:
يقول توما الاكويني : " علي ان اؤكد بان الايمان حسب المذهب الكاثوليكي هو الطريق الصحيح، لكن يجب ايضا ان اقبل بالبرهان الموجود في الطبيعة مادام هناك من لا يقبل او يسلم بكلام الكتاب المقدس" رسل 445 ان البرهان المعتمد على ظواهر الطبيعية لوجود الله يستطيع ان يشمل بعض المواضيع، لكن لا يشمل غيرها، مثلا يمكن ان تبرهن الطبيعة على وجود الله و خلود النفس او وجود الروح، لكن الطبيعة لا تستطيع ان تبرهن على الاقانيم الثلاثة و القيامة و الاستحقاق الاخير. فكل ما تظهره الطبيعة لنا يطابق ايماننا المسيحي و لايوجد أي تناقض له مع الالهام او الوحي. اي لا يوجد اي تناقض بين الوحي والفكر. لكن من المهم جدا ان تفصل بين الاجزاء التي يمكن البرهنة عليها عن طريق العلة الطبيعية من التي لا يمكن ايجاد البرهان لها .
طرق اثبات وجود الله:
اول خطوة لبرهان وجود الله هي يظن البعض انها غير ضرورية، لان حسب رائيهم وجود الله هو برهان ذاتي، اذا كنا نعرف معنى الماهية او الجوهر تصبح هذه الفكرة صحيحة، لان جوهر الله و وجوده هو شيء واحد، لكننا لا نعرف جوهره التام بل نعرف الجزء القليل منه. الانسان الحكيم الذي يفكر يعرف جوهر اكثر من الانسان اللاابالي الذي لا يفكر، والملائكة تدرك عن جوهر الله اكثر من كلاهما. لكن لا يوجد مخلوق يدرك الله الى درجة يستطيع ان يستدل على وجوده من جوهره، بناءً على هذه الفكرة، فأن البرهان الانطولوجي (انسليم) هو مرفوض حسب راي الفيلسوف الانكليزي روسل.
ان وجود الله مبرهن عند ارسطو حسب الجدلية التالية (ان الشئ الذي لا يتحرك هو المحرك) هناك اشياء فقط تتحرك و اخرى مُحرِكة واخرى مُحرَكة، فكل شيء مُتحرك هو مُتحرك من قبل شيء اخر، وبما ان لا يمكن تستمر الحركة الى ما لانهاية ، هكذا نصل الى نقطة التي يوجد فيها شيء لا يتحرك و يحرك كل اشياء اخرى وهذا الغير متحرك هو الله نفسه.
البراهين الخمسة لوجود الله:
في كتابه Summa Theogiae وضع خمس براهين على وجود الله وهي:- 1- الشئ الذي لا يتحرك هو المحرك. 2- استحالة استمرار الحركة الى مالانهاية . 3- ضرورة لوجود علة لكل معلول أي سبب لكل حادث. 4- وجود بعض اشياء هي تتصرف و كأنها في مسار لوصول حالة الكمال، ذلك هو برهان على وجود من ينظمها ويؤثر عليها لتسير في هذا الاتجاه. 5- حتى الاشياء الجامدة لها ضرورتها في الوجود حيث انها مستخدمة من قبل الكائنات الحية في ديمومة وجودها والا يصبح وجودها ناقص وبذلك نستنتج لابد من وجود علة خارج كل الموجودات.
صفات الله :
بالعودة الى كتابه Summ-Contra Gentiles الذي اثبت فيه على وجود الله يقول توما الاكويني:" نستطيع ان نقول كثير من الاشياء عن الله، لكن كل ذلك حسب الطبيعة الحسية، او (السلبية)، حيث ان طبيعة الله معروفة لنا عن طريق الاشياء غير الموجودة فيه بمالقارنة مع ما موجود لدى الانسان حسيا، ان الله هو ابدي، غير متحرك وغير متغير، لانه لا يوجد فيه ما ينقصه.
كان هناك فيلسوف اسمه (David of Dinant) في القرن الثالث عشر من مذهب الفلسفة المادية يقول (ان الله هو شبيه بالمادة الاولية للكون).
الاكويني رفض هذا المبدا واعتبره غير معقول، مادامت المادة الاولية للكون لها النقاوة الايجابية وان الله له نقاوة خالصة في العمل الخلاق، و مادام لا يوجد فيه أي مكونات، اذن الله لا يملك أي جسم، لان الاجسام تتكون من اجزاء. ان الله له طبيعة خاصة به الا بخلاف ذلك يكون الله غير بسيط بل معقد . لايوجد اية حوادث في الله ولا يمكن تشخيصه باي معلومات مختلفة، يمكن القول ان بعض الاشياء تتشابه في تصرفها مع الله وبعضها تختلف ولكن لا يمكن القول العكس. ان الله هو خير ، وخيره هو ذاتي ليس له مصدر، ولكن هو مصدر كل الخيرات الموجودة في العالم، ان التصرف العقلاني هي من جوهره. على الرغم من عدم وجود مكونات مختلفة في قدرته الالهيه العقلية لكن يفهم كل الاشياء، وان الاشياء التي يدركها الله ليس لها تاثير عكسي عليه. ولا هي وجدت بحد ذاتها مستقلة كما كان ظن افلاطون. لا يمكن ان يفهم اشكال او حالات الطبيعة كاجزاء من المادة الا برجوع الى حالة قبل الخلق. ان توضيح هذه النقطة توضيحها هو كالتالي ان فكرة العقل الالهي طبقا لادراكه الذاتي والتي هي كلمته او ارادته او فكرته لا تشمل فقط ادراكه الذاتي لذاته، بل تشمل كل الاشياء التي تمتلك التصرف او الجوهر المشابه له. إذن طبقا لهذه النتيجة فان كثير من الاشياء يمكن ان تعرف من قبل الله ، وكذلك من قبل اي كائن عاقل اخر الذي له تشابه مع نفس جوهر الله .اذن كل انواع الكائنات لها شيء من الايجابية و التي هي صفة في طريق الكمال ، عقل الله يحوي في مبدئه على صيغة معقولية لكل شيء بادراكه للاشياء التي تشابه والتي تناقضه . مثلا مفهوم الحياة لا يوجد أي معرفة ادراكية في النباتات و المعرفة الادراكية و لا العقل هي موجودة في الحيوانات والعقل ليس العقل الكامل لدى الانسان اذن النبات يشبه الله في امتلاكه صفة الحيوية لكن ليس مثل الله يملك المعرفة و الحيوانات تشبه الله في امتلاكها المعرفة الحسية و لكن لاتشبه في امتلاكها العقل والادراك بالتالي كل المخلوقات تختلف عن الله لانها لاتصل درجة كماله. من صفات الله ايضا، ان الله يدرك جميع الاشياء في نفس اللحظة و معرفته هذه ليست تكرار او قابل للجدال، ان الله هو الحقيقة الكاملة تماما . الان نعود الى المشكلة التي وقع فيها كل من ارسطو و افلاطون (هل ان الله يدرك بعض الاشياء المنفصلة او خاصة بحد ذاتها ،ام يدرك الكون بكامله دون انفصال ام الحقائق العامة؟. بالنسبة للمسيحيين لانهم يؤمنون بقوة تدير الكون و تسيطر عليه في كل احداثه اذن يجب ان يكون الله بالنسبة لهم يدرك كل التفصيلات و الاشياء الخاصة.
حاول توما الاكويني اثبات قوله هذا فوضع سبع فرضيات خاطئة ثم بدأ بوضع براهين لدحضها كي تصبح الفكرة اكثر وضحا لدى قرائه وهي: 1- كل الاشياء الفردانية التي هي ذات الطابع المادي ، لايمكن لاي شيء غير مادي ان يدركها . 2- بعض الاشياء لا تملك صفة الوجود الفردي، لذلك لايمكن ان تدرك بدون ان يكون لها وجود، لذلك لا يمكن ان تدرك من قبل كائنات غير متغيرة (الله). 3- الوحدات المفردة هي طارئة، ولكن ليست ضرورية، لذلك لايمكن التأكد من معرفتها بصورة دقيقة ما دامت غير موجودة الا في حالة امتلاكها كيان (وجود واقعي). 4- بعض الاشياء المفردة لها قرارها الحر الذاتي و يمكن فقط ان تدرك للشخص الذي تريده. 5- المفردات هي ما لا نهاية في صغرها وعددها . 6 - المفردات هي صغيرة جدا بالنسبة لله فلا يعيرها اهمية. 7- في بعض الفرديات يوجد الشيطان لكن الله لا يدركه.
جادل الاكويني هذه البديهيات و اثبت نقيضها التي هي ايضا جزء لاهوتيه للبرهان على وجود الله والكشف عن صفاته على نحو التالي:- 1- قال الاكويني ان الله يدرك فرديات الاشياء بسبب مسبباتها، لانه يدرك الاشياء التي لم توجد لحد الان، مثل المصمم الذي يخطط لشيء، يعرف مستقبل الحدث لانه يعلم بالاشياء بحضورها تام، و لانه (الله) خارج موضوع الزمن، لذلك هو يدرك نياتنا واسرار قلوبنا و يعرف اصغر جزء من مالانهاية الاشياء و لكن لا نستطيع . 2- ان الله يدرك -كل شيء ذو صفة نبيلة و الا بخلاف ذلك يكون الله فقط يدرك ذاته. و الاهم من ذلك، ان الكون في نظام متناسق و نبيل جدا و هذه الحركة المتناسقة في الكون لا تحدث بدون معرفته حتى الاشياء الصغيرة المهملة في نظرنا . 3- ان الله يدرك الاشياء الشريرة "الرغبة الشيطانية " لانه هو الخير و صفة الخير تتطلب معرفة نقيضها الذي هو الشر . 4- في الله هناك الرغبة او الارادة ،و هذه الرغبة او الارادة هي من جوهره الالهي، لان له ارادة في ذاته، لذلك له ارادة في اي شيء اخرى ايضا وهذه الرغبة او الارادة هي شئ خاص به ليس اتية من الخارج . لكن ارادته في الاشياء ليست حتمية عليه. 5- اذن لديه ارادة مستقلة من اى شيء و لكن ليس ارادة في اشياء المستحيلة مثل تناقض الحقائق. 6- في الله هناك الفرصة و الحب و الفرح ان الله يكره لاشئ .ان الله خلق العالم من العدم على عكس ما قيل في حضارات القديمة وهو ليس مادة و لا يغير ذاته ولا يفشل ولا ينسى ولا يغضب ويحزن ويخطأ ليتوب. 7- لايستطيع ان يخلق انسان بلا روح او ان يجعل مجموع زورايا المثلث اقل او اكثر من 180 درجة. 8- ان روح الانسان هو ذلك الشئ الذي لا يتفسخ ، خالد وليس مادي. ان الملائكة ليس لديهم جسم لكن في الانسان هناك روح متحدة مع جسد، فاذن الانسان هو روح و جسد كما قال ارسطو . 10- لا يوجد ثلاثة ارواح في الانسان يوجد روح واحدة وهذه الروح موجودة في اصغر جزء من الجسم ان ارواح الحيوانات ليست مشابه لارواح الانسان و ليست خالدة والعقل او القابلية الفكرية هي من صفات روح الانسان فقط 11- لا يوجد روح واحدة تشارك بها كل البشرية كما قال ابن رشد الروح، لا تنتقل من جسم لجسم اخر ولكن مخلوقة و جديدة من قبل الله لكل انسان . 12- هذه النقطة مهمة ايضا لانه تضع فلسفة القديس اوغسطين في مشكلة حيث كان كيف يمكن ان تنتقل الخطيئة الاصلية من انسان الاول الى الاخرين في نفس الوقت مادامت روح هذا الشخص قد خرجت الى الوجود في لحظة امتلاكه جسد من قبل الله توما الاكويني لم يرد على هذا الاعتراض 13- في موضوع العقل و قابليته تبنى الاكويني نفس فكرة ارسطو بشان مشكلة الاكوان الكونيات فالاكوان لا يمكن ان توجد بدون الروح لكن في العقل يمكن ادراك العموميات عن طريق ادراك الاشياء التي هي خارج الروح.
اماالكتاب الثالث للقديس توما الاكويني فهو يتعامل مع المواضيع الاخلاقية مثل الخطيئة غير المتعمدة ، كل الاشياء تميل الى تقليد او الى التشابه الله الذي هو نهاية كل شيء. ان سعادة الانسان لاتكتمل بالتجامع الجنسي او الشرف الرفيع او الصيت او المال او امتلاك سلطة عالمية او اية خيرات جسدية و كذلك لاتعتمد على الاحساس المادي ، سعادة الانسان القصوى لا تاتي من خلال التصرف حسب الاخلاق العالية لان هذا يعني انها تحتوي على التامل للوصول الى الحقيقة، ان معرفة الله لا تاتي بطرق عادية حتى لا يمكن الحصول على المعرفة عن طريق الايمان .لا نستطيع ان نرى الله في هيئته الحقيقة ولايمكن الحصول على السعادة الحقيقية في هذه الحياة.لكن في العالم الاخر سوف نراه وجها لوجه (لايعني بلفظة وجهه المعنى الجسدي لان الله لايملك وجه، بل يعني الشعور بحضوره ) .ذلك لايحدث بقوتنا الطبيعية بل بواسطة النور الالهي و حتى حينها سوف لا نستطيع ادراكه تماما بالصورة الكاملة .وبهذه الطريقة اصبحنا من المشاركين في الحياة الابدية تلك الحياة التي لاوجود للزمن فيها. حضور الله الدائم لا يشمل الشيطان و الاشياء الطارئة و الارادة الحرة و الصفة و الحظ الشيطان ياتي في الدرجة الثانية من المسببات مثال على ذلك الفنان الجيد مع ادوات رديئة الملائكة كلهم ليسوا على مستوى واحد ،هناك عملية ترتيب تصاعدي بينهم كل ملاك يشبه انسان في هيئته. لاتملك الملائكة اجسام لكن يمكن تمييزهم فقط من خلال اختلافات خاصة و ليس من خلال مواقعهم في الفضاء.التنجيم والسحر هذا شيء مرفوض تماما و الله يستطيع ان يعمل العجائب لكن السحرة يستطيعون عمل ذلك بواسطة الارواح الشريرة (الجن) و لكنها ليست اعجوبة كاملة لاتحدث اعاجيب بمساعدة النجوم في السماء . القانون الالهي يقودنا مباشرة الى حب الله . و بدرجة اقل من ذلك لحب الجار. الزنى محرم اطلاقا (اتخاذ خليلة) وعلى الاب والام ان يبقيان مع الاطفال لحد بلوغهم . مسألة السيطرة على الانجاب محرمة ،لانها ضد الطبيعة ،اما الزواج الشرعي يجب ان يفسخ بين الرجل و المراة لان الاطفال بحاجة الى التعليم و الرجل هوصاحب المسؤولية الابر من المراة لانه يمتلك قابلية بدنية اكثر . يجب ان يكون هناك زواج فردي بين الرجل والمراة و تعدد الزوجات هو مرفوض لان ذلك غير عادل بالنسبة للمراة لان مشكلة فراغ الاب. وجود الله: ربما احد اهم المواضيع التي اشغل توما الاكويني نفسه فيه هو البحث عن اثبات وجود الله. كان توما الاكويني كثير التاثر بالفلسفة لا سيما فلسفة ارسطو البعيدة جدا عن فلسفة افلاطون التي كانت طاغية على الفكر اللاهوتي عن طريق لاهوت القديس اغسطينوس. حيث ان القديس اغسطينوس (نظرية الاشراقية) والقديس انسليم (نظرية الانطولوجية) كانا سبقا توما الاكويني في هذا العمل . لكن توما الاكويني اراد اثبات وجود الله عن طريق الفلسفة الارسطالية (الماهية والوجود) التي وجدها اكثر ملائمة للفكر اللاهوتي المسيحي. القديس توما الاكويني قسم الوجود الى ثلاثة انواع من جواهر هي المركبة (مادة وصورة) هذه اقل سموا لذلك هي في الادوار الاولى (الدنيا) وجواهر (روحية - مادية تتواجد فيها القوة والفعل) اعلى سموا تقع في الادوار الثانوية مثل الانسان والملائكة والجوهر الثالث والاخير هو الله الذي هو جوهر بسيط غير مركب علة الاولى وصورة محضة فقط، لذلك يقع في الدور الاخير. هكذا انقلب لاهوت المسيحية المبني على الفلسفة الافلاطونية والافلاطونية الحديثة من ظاهري يتم ادراكه عن طريق الحواس وعالم مثالي يمكن ادراكه عن طريق الفكر الى عالم مبني على الفلسفة الارسطوطالية المنطلقة من عالم المادة(الوجود) الى عالم السماء (الماهية). فالعالم موجودة بالفعل ومركبة من مادة وصورة وان هذه الصورة ليست وليدة ذهن او خيال وانما لها وجود واقعي حقيقي . بين ارسطو وتوما الاكويني على الرغم ان ارسطو سبق توما الاكويني حوالي 1500 سنة الا ان الارتباط بينهما كان قويا لاسيما اذا قلنا ان الموضوع كان يتعلق بالعقلية الافلاطونية المعتمدة في تفسير اللاهوت الاغسطيني. بعد ارسطو حوالي 900 سنة جاء بويس شارحا لاول مرة افكار الارسطوطالية التي اصبحت مستخدمة في كل المدارس الفكرية في اوربا،وبعد ذلك حوالي 300 سنة جاء اريجين الذي ركز على الافكار وترتيبها وتدريجها .من بعدهم جاء الفلاسفة العرب القرن الحادي عشر بالاخص بن سينا وابن رشد الذين اطلعوا على فلسفة الاغريقية عن طريقة الترجمة التي وضع السريان حيث ترجموا امهات الكتب الحضارة الاغريقية الى العربية (كما ذكرنا في الفصل ) التشابه الكبير بين ارسو والاكويني كبير، حيث كلاهما مهتم بالمثالي والضروري من جانب و الواقعي والفردي من جانب الاخر ،او بين الجزئي والكلي، اوبين الحسي والعقلي الذي يظهر في هذه العالم. كان توما الاكويني مثل ارسطو لايريد اهمال الواقع والفكرمعا كما فعل افلاطون. لذلك بحث الاكويني عن مخرج اخر ثالث يربط بين الفكر والعالم وبين التصور والشيء، والمعقول والمحسوس. هذا كان نفس الخط الذي سار عليه ارسطو. في الحقيقة يشير في تفسيراته الى ارسطو اكثر من اي فيلسوف اخر، ويعتمد عليه في توثيق فكرته او بناء حجته. حسب فلسفة ارسطو ان الوجود هو نوعيين ، الاول واقعيا كوجود الجوهر والثاني الكينونة الذي يتم الاستدلال عليه عن طريق فعل الكينونة الذي يربط بين الموضوع والمحمول في القضية. توما الاكويني تبنى الوجود الاول وبنى عليه تحليله. حيث يقول حسن الحنفي(؟) :" يصبح هذا الوجود هو الجوهرالارسطي المتميز الذي يدل الحد عليه، ولكن الحد الذي لا يكون إلا بالجنس البعيد والفصل القريب يدل على جوهر الشيء، اي على ما به قوامه، إن شئنا على الماهية، فالماهية قريبة من الوجود إن لم تكن فيه، فالجوهر طبيعة، والطبيعة هي ماهية الشيء، والشيء هو فعله، والجنس لا يضاف الى الفصل إلا كما يضاف الموضوع الى الكيفية،والواقع انه لا إضافة هناك، فالجنس والفصل تحديدات لمادة هي الموضوع نفسه الذي لا ينفصل عن كيفياته. والحركة داخله في الشيء ،والنمو حال فيه، فالشيء يصير من القوة الى الفعل، والعقل الذي هو بالقوة اشبه بلوح لم ينقش عليه شيء" ص189 حينما يبدا بتحليله للجواهر البسيطة وعلاقتها مع الجواهر المركبة ، يبدأ توما الاكويني من فكرة الصورة التي يعتبرها مصدر الفصل ، لان الفصل يأتي من ماهية الشيء. فيرى ان النزعة المزروعة في الصورة تقوم بترتيب الوجود من مركب اكثر تعقيدا الى الابسط في ترتيب تصاعدي الى ان نصل الجواهر العقلية. هنا يصفها بأن جميع الجواهر العقلية هيفي نسق وترتيب واحد افقي. لكن العلة تكون من اعلى والمعلول من اسفل. منها جاءت فكرة التنزيه العقلي، فكما ان الصورة لا تحتاج الى مادة كذلك العقل لا يحتاج الى جسم او الة وان كانا بحاجة الى الاحساس. فالمادة تظهر حسب فلسفة ارسطو دوما في ترقب للصورة وبتالي يظهر التباين والفصل في المادة، إذن ليست الروح سجينة الجسد كما ظن افلاطون وانما الصورة سجينة المادة ، حيث انها ترغب بالانطلاق والتحرر من ثقل وقيود المادة. فالتنزيه العقلي لدى ارسطو والايمان الديني عند الاكويني يستخلصان الى نتيجة واحدة هي اثبات موجود تكون ماهيته ووجدوه واحدة ولذلك يجب ان يكون كامل. الواقعية المسيحية الواقعي والمثالي كانا طرفي معادلة اثبات وجود الله واساس لنظام الفكري اللاهوتي الجديد التي تبنته الكنيسة الكاثوليكة. كان هناك صراع داخلي في فكر الاكويني نفسه على شكل حركة بندول، فمرة يميل الى اثبات الوجود المجسد (المادة) وينطلق منه نحو السماء (الصورة) ومرة اخرى يميل الى الرجوع المثال الكامل الخالص(الصورة) ويريد تنزيه من اي صفة ناقصة موجودة في هذا العالم (المادة) . يبدو كلاهما الاكويني ومن قبله ارسطو كان على قناعة تامة ان التمسك بطرف واحد من معادلة لن يحل لغز الوجود. وان التضحية بالواقع الذي نعيشه والذي نحن جزء منه هو انكار نصف الحقيقة، ولا يمكن استنباطهم من اي ماهية سابقة او خارجة عنه. فالوجو د الواقعي هو الذي يحوي على الماهية اما الوجود المنطقي فلا ماهية له، وان ماهية الوجود الواقعي هي الصفة المشتركة بين طبائع الوجود (المقولات العشر). وان هذه الماهية مطمورة بل متحدة في جوهر الموجود وليست خارجة او لاحقة معه. ويتم الاستدلال عليها عن طريق التحديدات مثل الجنس والفصل، وهي الصورة او الطبيعة او الجوهر نفسه. والخلاصة الاهم من هذا الموضوع هي ان الماهية راجعة للمركب الناشيء من الصورة والمادة معا وليس لاي منهما لوحده. فكانت هذه نهاية الفلسفات المادية والانتقال الى فلسفات الوجود في لاهوت الكنيسة. توما في مرمى النار : نشأت حركة عقب وفاته تناوئ فلسفته وتتهمه، إلا أن فلسفته التي أصبحت تسمى التوماوية تنامى أنصارها بالتدريج، حتى إن البابا أعلن في سنة 1318م أن التوماوية منحة إلهية وأن الإكويني قديس. وقد وجد الكاثوليك في التوماوية أسلحة فلسفية ينازلون بها الفلسفات الحديثة.
الخاتمة: في الأخير ما يمكنني قوله كقارئ للمسار الفلسفي اللاهوتي هو الإشارة إلى محاولة توما الأكويني إعطاء شرعية أكثر للفلسفة الدينية العقائدية و صب المفاهيم العقلية في قوالب الاعتقادات المسيحية لا لشيء إلا لإظهار الوجه المجمل للمسيحية الديانة التي يجب أن تسود الأرض و تتسيدها ليعم الخير والسلام و لكننا نبقى كمسلمين نناقض قطاعا واسعا من هذه الآراء و الفلسفات من قاعدة الاختلاف العقائدي الواضح بين المسلمين والمسيحيين، و لا إله إلا الله، محمد رسول الله( صلى الله عليه وسلم). ملاحظة: الخاتمة عبارة عن رأيي الخاص بي وحدي أنا مــزوار محمد سعيد ، و الذي أتحمل مسؤوليتها كاملة…وشكــــــــــــــــــــــرا...