صراخ جرييييييييييييييح
اعتادت الخيوط الأولى لضوء صباح أيام هذا الأسبوع ، زيارتي مخفورة بنعيق الغربان ، وأزيز آلة الدمار والخراب ، وانا جاثي ، منهك ، مشدوه ، أسترق النظر من حين إلى آخر ، إلى لوحة زيتية مثبتة على الجدار ، لرسام من أهلي ، وكأني كلما رأيتها ، ألحظها لأول مرة ، رغم تواجدها هناك منذ زمن بعيد .
غير آبه ولا مبالي .
ألفت سقوط القتلى والجرحى بين يدي.
لا فرق عندي بين أن أكون أو أن لا أكون .
وأتساءل مع نفسي : أتراني قادرا على البوح لنفسي ، بزمجرة الأمواج المتلاطمة في أعماقي ؟
مستطيعا بث شجوني ولو همسا .
وهل سأجد من لا يترصدني ، ويتعقب أنفاسي ؟ وهل أنا قادر على الإشارة ولو بظل أصبعي نحو مغتصب الهواء من رئتي ؟
ومقتلع الهناء من أحضان أهلي واسرتي ؟
لست أدري ...
لست أدري ، من اي سوق سأبتاع الشهامة ... شهامة أبي وجدي ، وبطولة قومي وعترتي ؟
أم في أي ركن سأعثر على بتار قاطع ، ألوح به في وجه غاشم طغى وتجبر ؟
أقطع منه الوتين ، وأرده مدحورا من حيث أتى ؟
.أم أني محكوم علي بالاستسلام والتقوقع والانبطاح ، اسوة بمن أعتبرتهم - خطأ - أبطالا وأنصارا ؟
فأنزوي معهم ساترا وجهي بسبابتي ، ومرددا ما يقولون :
أنى لي أن أعترض سبيل السيل الجارف ؟
أو أقف في طريق التيار المهيمن الصاعق ؟
أو أتصدى لجحافل الجيش الذي ادعوا أنه لا يقهر ؟
ويبقى من حقي الثابت :
أن أذيب عمري في استعراض الأيتام والثكالى وعدهم .
وأن أشارك (بفعالية) في توديع الأسرى والشهداء ، والترحم عليهم ؟
وأن ألتمس من جيراني الأقوياء نصرتي وحمايتي .
كما يحق لي أن أقهقه عاليا مع المنتشين في غفلة ،
متوهما أنني أسعى حثيثا لجلب السلم والسلام ،
على متن عربة تجرها الجثث والهياكل والجماجم ،
وتسلك الطريق المعبدة والمعدة للحوار والتحاور والاستجداء ؟
حائر أنا .... أفتوني في أمري وبددوا حيرتي